ولد القائد العسكري لقوّة القدس في الحرس الثوري الإيراني الشهيد قاسم سليماني عام 1958، في محافظة كرمان جنوب شرق البلاد.
انخرط اللواء سليماني في العمل السياسي -العسكري باكراً، من النضال ضد نظام الشاه قبل انتصار الثورة إلى التحاقه بالحرس الثوري بعد انتصارها عام 1981، إلى تولّيه حماية مطار محافظة كرمان مع بدء طائرات النظام العراقي بقصف المطارات الإيرانية، ليترأس بعدها مجموعة عسكرية عديدها 300 شخص للقتال في سوسنغرد.
خاض الشهيد سليماني أكثر العميات العسكرية إبان الحرب أبرزها: ” كربلاء 4″، “والفجر” و”شلمجة”. وبعد تراكم خبراته وبروز شخصيته وشهرته الميدانية الواسعة تعرّض لمحاولة اغتيال بعد إصابته في علميات “طريق القدس” قام بها الطبيب المعالج له، إلا أن المحاولة سرعان ما كُشفت واحبطت.
بعد انتهاء الحرب المفروضة مع العراق عام 1988، قام الحرس الثوري الإيراني بتسلّم مهمة مكافحة المخدرات، فتولّى القائد سليماني على رئيس كتيبة “ثار الله 41” التصدي للمهربين الذين كانوا يعبرون إلى أفغانستان. ليُعيّن عام 1998 قائداً “لقوّة القدس” في الحرس الثوري، ومن ثم تمّـت ترقيته إلى رتبة لواء عام 2011.
كان للقضية الفلسطينية أهمية خاصة لدى اللواء سليماني حيث أشاد غير مرة بمقاومة الفصائل الفلسطينية للاحتلال مصرحاً:” نحن غير مستعدين للتفاوض أو التساوم على قضية فلسطين مع أمريكا أو غيرها”. فيما حرص أيضاً على ثبات التضامن والوفاق بين الفصائل من جهة وبين المقاومة والجمهورية الاسلامية الإيرانية من جهة أخرى، مستنكراً قطع طرق الامداد عن الشعب الفلسطيني.
وبالنسبة للثورة البحرينية اعتبر اللواء سليماني الذي تخطّت شعبيته حدود المنطقة أن خيار الشعب أمام هذه الممارسات المستبدّة هو المقاومة، وان التعرض لحرمة اية الله الشيخ عيسى قاسم هو خط أحمر، بعدما كانت السلطات البحرينية قد اعتقلت الشيخ قاسم، واسقطت عنه جنسيته.
عام2006 شنّت “إسرائيل” حرباً على لبنان استمرت 33 يوماً كان اللواء سليماني خلالها حاضراً بقوّة، وكان لحضوره الأثر البالغ في قلب موازين المعركة لصالح “المقاومة الإسلامية” والشعب اللبناني.
وبالرغم من معرفة الاحتلال بوجوده على الأرض وفي الخطوط الامامية، إلا أنهم لم يستطيعوا الوصول إليه كونه كان هدفاً لهم.
مع بداية الحرب على سوريا، انخرطت “قوّة القدس” وعلى رأسها الشهيد سليماني لمواجهة زحف الجماعات الإرهابية وحماية المقدسات إلى جانب القوات السورية. فأشرف على أشرس المعارك وأضخمها أهمها: كسب معركة “باب عمرو” التي كانت تُعد بمثابة “غرفة عمليات لسقوط دمشق”، إضافة إلى معركة حلب وريف حمص ومعركة القصير عام 2013 والتي وصفها الضابط في وكالة المخابرات الأميركية جان مغاوير ب “المنعطف الاستراتيجي” وهو نصر سجله سيلماني الذي وصفه بأنه “اقوى رجل في الشرق الأوسط”.
وبرسالة إلى الامام السيد علي الخامنئي أعلن اللواء سليماني رسمياً توجيه الضربة الأخيرة ل “داعش” والقضاء عليها بصورة نهائية، بعد تحرير” البوكمال” عام 2017. ليُقلّده السيد الخامنئي بعدها وسام “ذو الفقار” كأول قائد عسكري يحقق انتصاراً عظيماً في تاريخ الجمهورية الاسلامية.
وتلبيةً لنصرة حركات المقاومة في المنطقة والعالم، ذهب اللواء سليماني إلى العراق لمساندته بالدفاع عن ارضه ومقدساته ضد التنظيمات الإرهابية حيث أفشل الى جانب القوات الملحة العراقية والحشد الشعبي مشروع إسقاط بغداد. فيما خاض العديد من المعارك في الخطوط الامامية للجبهات منها: معارك شمالي صلاح الدين وتحرير العديد من مدنها خاصة “آمرلي”، وصد التهديد لمنطقتي النجف وكربلاء، وتحرير تكريت وفلوجة غرب بغداد، إضافة إلى معارك سامراء وجرف الصخر واربيل شمال البلاد وغيرها. حيث لعب دوراً مفصلياً وهاماً على الساحة الميدانية.
في الثالث من كانون الثاني عام 2020 استشهد اللواء قاسم سليماني بقصف أميركي مباشر تعرض له موكبه على طريق مطار بغداد. استشهد برفقته نائب رئيس الحشد الشعبي أو مهدي المهندس وعدد من المرافقين. ليُشيّع إلى كرمان وسط حشد شعبي تاريخي ضخم لم تشهد ايران مثيلاً له بعد رحيل قائد الثورة الإيرانية الامام روح الله الخميني.
وعلى اثر استشهاد اللواء سليماني قام الحرس الثوري الإيراني باستهداف قاعدة “عين الأسد” الأميركية في العراق ب11 صاروخاً دقيقاً وألحق بها أضراراً جمّة. وكان قائد القيادة المركزية الأميركية فرانك ماكينزي قد اعترف بأنه لم يرَ هجوماً أعنف من ذلك. فيما صوّت البرلمان العراقي على إنهاء وجود القوات الأميركية فيه، والا ستعتبر “قوات احتلال”.